النص الحرفي للمقابلة التي أجرتها وكالة الصحافة الفرنسية وإذاعة مونتي كارلو مع العاهل الأردني بقلم رندا حبيب عمان 11-8 (ا ف ب) - في ما يلي النص الكامل لمقابلة هاتفية أجرتها مراسلة وكالة فرانس برس وإذاعة مونتي كارلو - الشرق الأوسط في عمان اليوم الثلاثاء مع العاهل الأردني الملك حسين الموجود في واشنطن بعد أن تلقى مرحلة أولى من العلاج الكيميائي في مستشفى مايو كلينيك (روتشستر) نتيجة إصابته بسرطان العقدة اللمفية (اللمفوما). وتتزامن هذه المقابلة مع عيد جلوس الملك حسين السادس والأربعين على عرش بلاده. سؤال: بعد كل هذه السنين في الحكم. هل لكم أن تعطونا تقييما عن هذه الفترة بحلوها ومرها؟ جواب: فيما يتعلق بالفترة التي انقضت كانت حافلة بالأحداث الكبيرة التي أثرت على الوضع في المنطقة بشكل مباشر ابتداء بالتحول الذي جرى من الوضع الذي كان سائدا بوجود بعض الدول الأجنبية وسيطرتها وهيمنتها، إلى الانطلاقة التي كانت على الصعيد العربي. ثم مع الأسف التخبط في عالمنا العربي لفترة طويلة مما أدى فينا أن نضيع فرصا كبيرة من التقدم والتعاون وتحقيق التكامل المنشود. وأن نكون أوفياء كوننا ننادي بالوحدة العربية بكل معنى الكلمة. الآن هناك أساليب جديدة فيما يتعلق بالوصول إلى الهدف هي على الصعيد الاقتصادي والتكامل والتعاون والتعاضد الذي نأمل أن يتحول ويتبلور إلى واقع وحقيقة في المستقبل القريب. بالنسبة للأردن نعتقد أننا أصبحنا شعبا وأسرة ومسيرة هادفة كانت دائما لخير العرب في رحاب الوطن الكبير وكان الأردن بلد تضحية وفداء ونصرة للأشقاء في كل الظروف والأحوال. والحمد لله على أنه يتمتع الآن بالديمقراطية وعلى الطريق باعتبارها ليست صفة تعطى بدون تجربة ترافقها حتى يستطيع الجميع أن يرتقوا إلى المستوى المطلوب. للأردن في هذا العالم مكانة كبيرة إضافة إلى مكانته في الوطن العربي وله أصدقاء كثر في هذا العالم. وهو داعية سلام عادل ومشرف ملتزم بهذا النداء بوجهه في كل الظروف والأحوال. السلام الذي ترضى عنه الأجيال من بعد وتحافظ عليه وتنعم بنتائجه. والله يوفق رغم كل الصعاب التي نجابه لنرى الهدف يتحقق لأنه في قلب وضمير الغالبية العظمى من الناس سواء كانوا أردنيين وأيا كانوا. فكانت فترة عصيبة وصعبة تعلمنا وكبرنا معا نحن في الأردن بالذات، واعتقد أنني لا أستطيع إلا أن اعبر عن شكري وتقديري وعرفاني للأسرة الأردنية التي دعمتني في كل الظروف والأحوال والتي أصبحت مفخرة. وان شاء الله تكون دائما مثلا ونموذجا للآخرين في المنطقة والعالم. سؤال: برغم بعد المسافة تتابعون شؤون بلادكم ومشاكلها. وقد برز ذلك في رسالتكم الأخيرة إلى ولي العهد الأمير حسن بن طلال. ما هو رأيكم في السلبيات الموجودة وكيف يمكن تجاوزها؟ جواب: هذه جزء من حياتنا في هذه المرحلة. عندما تحدثت عن الديمقراطية فهي ليست وصفة وإنما ممارسة. اعتقد أن هذه الحالة تنعكس على بعض ما عشناه في الفترة الأخيرة. لقد ذهبنا وبحق إلى حد بعيد في تأمين الحصانة للموظفين بهدف إعطائهم الطمأنينة بالنسبة إلى وضعهم ومستقبلهم في كل الظروف والأحوال لكن في الفترة الأخيرة لاحظنا حصول أكثر من حادثة والله قد ستر. وهي تدل على وجود شيء من الإهمال وعدم تحمل المسؤولية اصبح ينذر بان هناك خطر إذا استمر هذا الوضع على ما هو عليه. شخصيا لا أستطيع أن أفهم على سبيل المثال (بما أن) مياه طبريا هي مياه راكدة نسبيا وهذا معروف تاريخيا، إذا لماذا لا تؤخذ الاحتياطات سلفا حتى نتحاشى الوضع الذي نحن فيه رغم الحرارة الشديدة والظروف كلها. ثم ضايقني شيء آخر إلى حد بعيد وهو التستر على العيوب (إذ) يجب أن نكشفها وأن تكون لدينا الشفافية كافية وبالتالي نستطيع أن نصحح أخطاءنا. إذا كان هناك مسؤولون عن هذه الأخطاء فلا بد أن ينالوا عقابهم حتى نتحاشى تكرار الأخطاء على حساب الوطن والشعب والناس. قضية المياه بالنسبة لي لا يجوز أن يكون فيها تهاون. يجب أن يكون الماء عذبا وصحيا ووضعه طبيعي وأي شيء أقل من ذلك فهو غير مقبول إطلاقا. لذلك أن شاء الله تكون النتائج جيدة فيما يتعلق بلجنة التحقيق من جهة وبالنسبة لكل الأخطاء كي لا تتكرر. المياه شحيحة ومشكلتنا فيها كبيرة لكنها متوفرة وبالتالي لماذا هذه المشاكل لا تحصل في مناطق أخرى ولماذا تنحصر بنا. هذا كلام غير معقول استمراره أو القبول به بأي شكل وأكثر من ذلك التستر عليه وعلى غيره. سؤال: لم تنحصر متابعاتكم بالصعيد المحلي بل تعدته إلى مفاوضات السلام المتعثرة. فأنتم تراقبون باهتمام الاتصالات بين ولي عهدكم وبين المسؤولين الإسرائيليين والفلسطينيين. كيف تقييمون الوضع الآن في المنطقة في ضوء مواقف حكومة إسرائيل؟ جواب: في تقديري نحن متأخرون جدا عما يجب أن يكون قد تحقق في المنطقة بالنسبة إلى مسيرة السلام. وأدعو الله أن يهدي الجميع لكي يتحركوا في الاتجاه الصحيح. وهذا السلام لا يمكن أن يكون إلا إذا كان بين أنداد ومؤسس على الاحترام المتبادل والرغبة الأكيدة في إحلاله حتى تنعم فيه الأجيال من بعد. القضية ليست مساومة أو قضية تركيز على صغائر الأمور. المسألة أهم من هذا كله بكثير واعم وأوسع وأخطارها أيضا حقيقية وماثلة. ومن يتكلم بلغة الحرب لا يعرف معنى الحرب ولا يعرف قيمة الإنسان ولا يعرف ماذا يمكن أن تجر أي حرب في الحاضر والمستقبل على الناس بغض النظر عن موقعهم أو مكانهم. فلا بد من عمل المستحيل في سبيل السير على الطريق التي اخترناها والتي اختارها الجميع على الصعيد العربي باتجاه سلام عادل ومشرف ودائم. وهذا لا يعني أن الجواب في يدنا .. الجواب في يد إسرائيل وحكومتها. ويمكن أن نخدم الهدف من خلال الاتصال بالشعب الإسرائيلي بالذات وبالمسؤولين سابقا والمسؤولين الحاليين واستمرار التنبيه وحثهم على العمل. فكل علاقاتنا سواء في إسرائيل أو مع العالم ككل هي علاقات نضعها لخدمة الهدف تحقيق سلام مشرف وعادل وخدمة أمتنا وخصوصا إخواننا الفلسطينيين فيما يتعلق بحقهم على ترابهم الوطني. سؤال: تعثر مفاوضات السلام يشكل أرضا خصبة لقوى التطرف. ما هو حجم المخاوف من حدوث انفجار نتيجة الاحتقان السائد الآن؟ جواب: اعتقد أن عقارب الساعة تسير باتجاه ليس في مصلحة أحد. وقد نفاجأ بتطورات غير مريحة إطلاقا ليس بالنسبة لنا فحسب وإنما بالنسبة للجميع في المنطقة. إذا المرحلة دقيقة وتتطلب العلاج على أساس أنها دقيقة وبحاجة إلى إجراءات شجاعة سريعة تأخذ بعين الاعتبار مصلحة الجميع ليس اليوم لكن غدا وبعد غد إلى ما شاء الله. سؤال: التقيتم مع الرئيس الأمريكي بيل كلينتون في واشنطن فهل ثمة لقاءات أو اتصالات أخرى متوقعة؟ جواب: الاتصالات مستمرة في كل فرصة متاحة. كانت هناك فرصة لي ولنور لتناول العشاء مع الرئيس والسيدة الأولى هيلاري كلينتون. وهم أصدقاء في الواقع غمرونا بمشاعرهم ثم تحدثنا بطبيعة الحال عن قضايانا ومشاكلنا وهمومنا المشتركة. وأنا اعرف أن الرجل (كلينتون) يحاول المستحيل الدفع بهذه المسيرة إلى الأمام. سؤال: ننتقل الآن إلى الموضوع الأهم بالنسبة للأردنيين. تحدثتم عن وضعكم الصحي بشفافية غير مسبوقة عربيا وعالميا ولم تتركون مجالا للتساؤل، لكن لا بد من السؤال عن صحتكم ونحن نسمع من الأردنيين انه إذا أصاب ملكهم مرض فان الأردن بكامله يتألم؟ جواب: إن شاء الله أن لا يحصل هذا إطلاقا. وإن شاء الله الأردنيين بعز وبخير في كل الظروف والأحوال. وأنا حي سأعمل المستحيل في خدمتهم وأداء الواجب نحوهم. وفي نفس الوقت أحب أن اطمئن الجميع أن وضعي احسن بكثير مما كان عليه. وحتما أفضل بشكل لا يمكن حتى المقارنة مع الوضع الذي وصلت فيه إلى الولايات المتحدة. ووضعي الآن إن شاء الله على أبواب بدء الدورة الثانية من العلاج الكيميائي الأربعاء لكن إجمالا في تحسن كبير والأطباء متفائلون جدا وفي نفس الوقت المعنويات عالية. هذا امتحان من الامتحانات التي إن شاء الله سنجتازها بنجاح. والكل متفائل. طبعا بعد كل شيء وقبل كل شيء إيماننا بالله سبحانه وتعالى بمشيئته وبقدرته وبأن الله يعيننا على تجاوز هذه المرحلة والخروج منها بشكل جيد إن شاء الله في المستقبل القريب. سؤال: لقد آثار وضعكم الصحي بالغ الاهتمام والترقب في الداخل وتساؤلات في الخارج فكيف تنظرون إلى المستقبل؟ جواب: حقيقة استغربت والله وأنا أتابع التساؤلات والآراء الخنفشارية كما يقال من قبل البعض والآراء التي في غير محلها في الواقع. أولا ليس هناك إنسان مخلد وحياتنا هي للناس ومن اجل مستقبلهم. ونحن لا نعمل بالنسبة ليومنا هذا وإنما بالنسبة لعشرات السنين من بعد. ثانيا الوضع لا يدعو إلى هذه التساؤلات وفي الواقع كنت حريصا على أن اطلع الناس جميعا في هذا العالم على كل كبيرة وصغيرة بالنسبة للوضع الذي أنا فيه لأنني أؤمن بالشفافية وبأن الناس يجب أن يعرفوا بأنهم يتعاملون مع بشر. وإذا كان مبرر لوجودنا فهو أننا بشر وفي خدمتهم. فتساؤلات وغير تساؤلات، الحقيقة، فيما يتعلق بولاية العهد هي بيد أخي الذي اخترته على آخرين في سنوات خلت والذي تحمل المسؤولية وادي واجبه على اكمل وجه. وفيما يتعلق بما يتلو ذلك .. في المستقبل حديث تحدثنا به فيما مضى وليس هناك أي مبرر لإثارة هذا الموضوع الآن إطلاقا. وكل ما أرجوه أن تستمر الأسرة الهاشمية في الخدمة والعطاء والبناء وأن تكون عنصرا هاما في جمع الناس مع بعضها البعض باتجاه الهدف الذي هو هدف آبائنا وأجدادنا والأجيال من بعدنا إن شاء الله. ونحن كلنا في خدمتها وكل الأمور التي قد يكون حولها تساؤل أو قلق إن شاء الله توجد لها الأجوبة المناسبة في وقتها. فالكلام كله في الحقيقة خارج عن الإطار المألوف اللهم أن هناك كثيرين هدفهم دائما أن يستمروا في الهجوم علينا بشكل من الأشكال وأظهارنا بأننا اضعف من الواقع والحقيقة. وأنا أتحدى.. الأردن قوي والأردن ثابت وأهله متماسكون في كل الظروف والأحوال وسيثبت هذا في الحاضر والمستقبل كما أثبته في الماضي وهو حصن منيع وقوي بكل معنى الكلمة. وأي حديث آخر ليس له مبرر والذي يريد التكهن عن غيره يتفضل فالأيام بيننا. |